الرد على شبهة تكوير الليل والنهار
Posted on January 1, 2019 at 12:00 PM
الرد على شبهة تكوير الليل والنهار والقول بدلالة الآية على كروية الأرض
الرد على شبهة تكوير الليل والنهار
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
قال تعالى : (وَكَذَٰلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا ۚ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ)
[سورة الرعد 37]
وقال تعالى: (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ۚ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ)
[سورة العنكبوت 49]
عندنا في الآيات أمرين وهما أن القرآن نزل حكماً عربياً والثاني أنه جاء بالعلم
فإن أردنا أن نبدأ في فهم العلم والنهل من فيض أسراره علينا أن نفهم العربية التي نزل بها القرآن أولاً ولا شك في ذلك
وفي قوله تعالى: (قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)
وقوله تعالى: (كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)
[سورة فصلت 3]
تأكيد على استحقاق القرآن الكريم العربي المبين ليكون الكتاب الأول الذي نأخذ منه العلم، ولا نشرك فيما تضمنه من العلم أحداً يدعي أنه أوتي من العلم شيئاً.
بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إذاً بدون أن يأخذ أحدهم العلم فالآيات لن تكون بينات بالنسبة له وأول علم يؤخذ هو العلم باللسان الذي نزل به القرآن الكريم
كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُون فهل الجاهل بالعربية وقواعدها سيكون من القوم الذين يعلمون شيئاً من معاني القرآن العربي؟
ولا شك أن من قال بدليل كروية الأرض من القرآن الكريم يجب أن تكون قواعده العربية صحيحة
إذاً ما دليل اللغة عند من قال بأن التكوير في الآية (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ۖ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْل)
أنها دليل على كروية الأرض
دليلهم : كَوَّرَ الشيءَ : لفَّه على جهة الاستدارة كَوَّرَ العِمَامَةَ عَلَى رَأْسِهِ : لَفَّهَا ، أَدَارَهَا. انتهى. معجم المعاني الجامع.
وبالتالي استنتجوا من ذلك أن تكوير الليل على النهار لا يتم إلا على أرض كروية قياساً على الرأس الكروي طبعاً هذا الاستنتاج لا وجود له في المعاجم مطلقاً.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: والتكوير جعل الشيء كالكور ، مثل كور العمامة ، ومن المعلوم أن الليل والنهار يتعاقبان على الأرض، وهذا يقتضي أن تكون الأرض كروية؛ لأنك إذا كورت شيئاً على شيء، وكانت الأرض هي التي يتكور عليها هذا الأمر لزم أن تكون الأرض التي يتكور عليها هذا الشيء كروية.
ملاحظة: تذكر هذه الجملة لأننا سنسقطها على عدة أمثلة.
لكن أليس من الإنصاف التفصيل في معنى الكلمة لغوياً والتعمق فيها أكثر من ذلك؟
أليس من الظلم اقتباس مثال تكوير العمامة وحده وجعله المعنى الأول والأخير للتكوير؟
وهل استناج كروية الأرض من المعنى يصحّ رغم عدم ذكره لا في الآية ولا في المعاجم العربية؟
التفصيل في معنى التكوير لغة :
عندما يتبين لنا أن هناك تفصيل في معنى التكوير لغة يجب أن يتبادر لنا في كل معنى نذكره سؤال هام وهو لماذا لم يؤخذ بهذا المعنى المذكور وتمسكوا فقط بمثال تكوير العمامة؟
وعليه فلنبحر في معاجم اللغة ولنتأمل المعاني الواردة عن التكوير باختصار :
1- جاء كتاب العين ج5ص401
التكوير: معناه الزيادة نعوذ بالله من الحور بعد الكور. انتهى
ومن مقابيس اللغة ج5ص146
ويكور الليل على النهار جاء في التفسير زيد في هذا من ذاك وفي ذاك من هذا . انتهى
بإسقاط هذا المعنى على موضوع الأرض المسطحة والكروية نستنتج أن التكوير هو زيادة الليل على النهار وزيادة النهار على الليل فنرى خل…
[9:19 PM, 2/24/2019] +974 5561 1200: القمر بين النور والتنوير
كانت ومازالت قضية نور القمر تطرح بين مؤيد لكون نور القمر ذاتي وبين معارض يرجح أن القمر انعكاس يستمد ضوءه من الشمس
والفريق الثالث أراح نفسه من هذه القضية فاختار أن القمر منير بذاته من جهة ويعكس ضوءه من الشمس من جهة أخرى
في هذا البحث المتواضع لن نتطرق لقضية النور والمنار والتفصيل في هذه النقطة فقد أشبعت بحثاً ونقاشاً
ولكن هنا أطرح فهماً جديداً بعيداً عن قضية معنى النور وهل هو انعكاس أو مصدريّ
ومحور النقاش سيتركز في قوله تعالى:
*(وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ۚ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)
[سورة يس 39 - 40]*
المسألة /1/
وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ
من الذي قدر القمر منازل؟ الله أم الشمس
بل الله هو الذي قدره منازل
تقول : فلماذا لا تكون الشمس هي من تقدره منازل
أقول: لأن الشمس /لا ينبغي لها/ وهو جواب واضح ومباشر في الآية
تقول: لكن الشمس لا ينبغي لها أن تدرك القمر وليس لا ينبغي لها أن تقدره منازل
أقول: وهل لا ينبغي لها أن تدرك لها تخصيص ما؟ والجواب لا ليس فيها تخصيص إذاً فلا ينبغي لها أن تدرك القمر بشيء وهو على العموم
وبالتالي لا ينبغي لها أن تدركه بضوءها فتقدّره منازل ولا ينبغي لها أن تدركه بجريانها فتلتقي معه ولا ينبغي لها أن تدركه بضحاها فيتساويان ولا ينبغي لها أن تدركه بأي شيء حتى بالشكل
مع ملاحظة أننا لا نعلم الشمس إلا أنها ضوء سراجاً وهاجاً ولا يمكن لأحد أن يفسر ماهية الشمس بغير ذلك وبالتالي نفي إدراك الشمس للقمر يتركّز جلّه على نفي إدراك الضوء الوهاج (الشمس) ووصوله للقمر
والدليل قوله تعالى:
(تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا)
[سورة الفرقان 61]
وعليه يكون القول لا ينبغي للسراج أن يدرك القمر المنير
وكل النفي متعلق بالضوء وخاصة الشمس التي ذكرها الله تعالى هنا بمفردة واحدة وهي ((سراجاً)) فماهية خلقها سراج أما القمر فله شكل يُدرك وهو منير بعكس الشمس فهي قرص وهّاج لا منازل ولا فوهات ولا معالم
فهي ضوء بضوء
فكأن الله تعالى يقول لا ينبغي للضوء السراج الوهاج أن يدرك القمر
المسألة /2/:
نعود لقوله تعالى: وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ
ففيه مسألة أخرى
من الذي قدّره منازل؟
بالتأكيد الله تعالى
إذا لماذا تنسب ذلك للشمس؟
تقول الله قادر على كل شيء ولكنّه يضع أسباب كما يشاء
والجواب أن الله سبحانه إن بيّن لنا السبب الذي أراده قبلنا به وإن نسب الفعل لنفسه وقفنا عند الدليل
والأمر المهم الآن لماذا في قوله تعالى: (وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۗ )
[سورة الحج 65]
فهنا أنت لا تسلّم أن الله جعل الجاذبية سبباً بل تنفي ذلك وتنسب الإمساك لله وحده لأنه لا دليل صريح على الجاذبية وبالمقابل الدليل صريح أن الله وحده يمسك السماء
ونفس الأمر فلا دليل صريح على أن الشمس تقدّر القمر منازل وبالمقابل هناك دليل صريح أن الله وحده قدره منازل
وعليه فيبقى أن الله هو الذي قدره منازل وليس الشمس حتى يظهر دليل صريح عكس ذلك
أما في قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا)
[سورة الفرقان 45]
لاحظ إذا قلنا ما سبب الظل نقول هو بعلاقة مع الشمس فالله جعل الشمس عليه دليلاً وبين لنا السبب صراحة
بالمقابل لا تستطيع أن تقول أن منازل القمر بعلاقة مع الشمس لأن الدليل الصريح منسوب لله تعالى وحده وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ
المسألة /3/:
فما معنى الإدراك لغة وكيف يمكن فهم أن إدراك الشمس للقمر مرتبط بضوءها أيضاً
جاء في مجمل اللغة لابن فارس
ص323ج1
في دَرَكَ قوله
ﻭﺩﺭﻛﺎﺕ اﻟﻨﺎﺭ.
ﻣﻨﺎﺯﻝ ﺃﻫﻠﻬﺎ (ﻧﻌﻮﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﻨﻬﺎ) .
ﻭاﻟﻨﺎﺭ ﺩﺭﻛﺎﺕ ﻭاﻟﺠﻨﺔ ﺩﺭﺟﺎﺕ.
ﻭاﻟﻘﻌﺮ اﻵﺧﺮ ﺩﺭﻙ ﻭﺩﺭﻙ. انتهى
وهذا يدل على أن منازل (ودركات) القمر التي قدرها الله سبحانه لا تدركها الشمس أي لا ينبغي لها أن تجعلها دركات ومنازل
وقوله تعالى: (وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ )
[سورة يس 39]
هذه العودة ليست تصاعدية فلا يعبر عنها بالدرجات بل تنازلية ويستقيم التعبير عنها بالدركات
وتابع ابن فارس قوله فذكر
ﻭﻳﻘﺎﻝ: اﻻﺩﺭاﻙ، ﻓﻨﺎء اﻟﺸﻲء. انتهى
وبالتالي لا ينبغي للشمس أن تفني القمر بتقديره منازل وأن تعيده إلى العرجون القديم
وجاء في العين ص327ج5
ﺩﺭﻙ: اﻟﺪﺭﻙ: ﺇﺩﺭاﻙ اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻭاﻟﻄﻠﺒﺔ. انتهى
فإن قلت أن القمر بحاجة لضوء الشمس حتى يتم تقديره كمنازل وبذلك يكون القمر عند حصول منازله قد أدرك حاجته ومطلبه من الشمس والله تعالى يؤكد أن إدراك الشمس للقمر غير محقق ولا ينبغي حدوثه
وجاء في المصباح المنير
ص192ج1
(ﺩ ﺭ ﻛ) : ﺃﺩﺭﻛﺘﻪ ﺇﺫا ﻃﻠﺒﺘﻪ ﻓﻠﺤﻘﺘﻪ...
ﻭاﻟﻤﺪﺭﻙ ﺑﻀﻢ اﻟﻤﻴﻢ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺼﺪﺭا ﻭاﺳﻢ ﺯﻣﺎﻥ ﻭﻣﻜﺎﻥ ﺗﻘﻮﻝ ﺃﺩﺭﻛﺘﻪ ﻣﺪﺭﻛﺎ ﺃﻱ ﺇﺩﺭاﻛﺎ ﻭﻫﺬا ﻣﺪﺭﻛﻪ ﺃﻱ ﻣﻮﺿﻊ ﺇﺩﺭاﻛﻪ ﻭﺯﻣﻦ ﺇﺩﺭاﻛﻪ . انتهى
وإذا كانت الشمس تقدّر القمر منازل فهذا يعني أنها تدركه مكاناً بأشعتها وزماناً بتواجدها ليلاً وهذا لا يحدث أبداً إلاّ أن القمر هو من يدرك الشمس نهاراً ولا يحدث العكس
والشرطة تسمى الدرك لإدراكها اللصوص تحقيقاً وتقصياً وتربصاً
ولنضرب مثالاً عن لص هرب من الشرطة التي تبحث عنه في الظلام بالكشافات الضوئية ولم تدركه
وما أن يصتدم ضوء الكشاف باللص حتى يصبح مُدركاً ويصيح الشرطي مرتين فرحاً لقد أدركته لقد أدركته وكذلك
فالشمس لا ينبغي لها أن تدرك القمر بضوءها الذي يصتدم بالقمر ككشاف ضوء في ظلام
وجاء في تاج العروس
ﻭﺃﺩﺭﻛﺘﻪ ﺑﺒﺼﺮﻱ: ﺭﺃﻳﺘﻪ. انتهى
فأنت تدرك الشيء ببصرك فتراه لأنه يقابل بصرك وإذا كانت الشمس مقابل القمر كما يقولون فهي في هذه الحالة تدركه
ولكن الأمر الصريح نصاً من القرآن الكريم أنه لا ينبغي للشمس أن تدرك القمر لأن الله حكم بذلك أولاً والدليل الآخر قوله تعالى أول سورة الليل:
(وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ) تقول: يغشى ماذا؟
يغشى النهار قال تعالى:
(وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا ۖ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ۖ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)
[سورة الرعد 3]
وبالتالي هو يغشي الشمس
قال تعالى : ( وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا )
[سورة الشمس 1 - 4]
فهل الليل الذي يُغشى به ويتحول به كل شيء حولنا إلا ظلام دامس يستثني القمر؟
لأن الليل يسمح للشمس أن تخترقه وتنير القمر وتقدره منازل فهل هذا يستقيم
إذاً فمعنى الإدراك لا ينحصر في إلتقاء الشيئين على وجه الحقيقة فقط بل يتعدى ذلك ليشمل الوصول والإلتقاء بأشكال متعددة ويصح تسميته إدراك
تأمل قوله تعالى: (لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ۖ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)
[سورة اﻷنعام 103]
إذاً يمكنك بالبصر إدراك المدروكات ولو كانت على مسافة بعيدة والله سبحانه يبين أنه لا تدركه الأبصار لا حقيقة ولا بصيرة
وقوله تعالى: (لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ)
[سورة القلم 49]
إذاً فالإدراك هنا هو بنعمة من الله
والإدراك هناك هو بضوء من الشمس
وبالتالي إن كان القمر يعكس ضوء الشمس فهذه الآية غير محققة
( لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ )
[سورة يس 40]
والله تعالى أعلم....