الشمس وقانون المنظور
by Mu7sin
Posted on January 1, 2019 at 12:00 PM
الشمس نراها بنفس الحجم من الشروق إلى الغروب، والشيء كلما ابتعد عنك أصبح صغيراً، لماذا الشمس تكون بنفس الحجم؟!
لماذا الشمس تبدو كبيرة وهي تغرب؟
الشمس نراها بنفس الحجم من الشروق إلى الغروب، والشيء كلما ابتعد عنك أصبح صغيراً، لماذا الشمس تكون بنفس الحجم؟!
قف عند محطة الحافلات، قريباً من الشارع، ستلاحظ أن السيارات قبل وصولها اليك صغيرة، وحين تصل عندك تكون كبيرة، ولكما ابتعدت وراحت تصغر، حتى تختفي عن نظرك،. ومن هنا أتى هذا السؤال.
قف على بعد 100 متر من المحطة، ستكون أحجام السيارات قبل أن تصل المحطة صغيرة، وحين تصل المحطة صغيرة كذلك، وحين تبتعد عنك تكون صغيرة كذلك، ولم يتغير حجمها،. فموقعك وبعدك عن مسارها هو سبب رؤيتك لاختلاف أحجام السيارات،. كذلك القطار، قف بعيدا عن سكة القطار، ستراه صغيرا طوال المدة، من ساعة ظهوره حتى يختفي عن ناظرك، كذلك الشمس فهي تبعد عنا 5000 كيلو،.
ــــــ ولماذا الشمس تبدو كبيرة وهي تغرب؟ فإذا كانت الارض مسطحة، فكان من المفترض أن أرى الشمس تأتي من بعيد تظهر كالنقطة ثم تصبح أكبر فأكبر حتى تصل إلى وقت الزوال (في كبد السماء) أراها كبيرة، ثم تصغر شيئا فشيئاً حتى تغرب وتختفي.
فعلاً، هذا صحيح، ولكن يصعب أن تلاحظ اختلاف حجمها بعينك،. لو استطعت أن تصور عدة صور بكاميرا فيها ما يزيل الأشعة القوية، ثم تقيس المسافة بين طرفي الشمس، ستراها تصغر،. (كما في الصورة 1)،.
مثال،. لنفرض أنك في القاهرة, ونفترض أن طائرةً خرجت من العراق متجهة للمملكة المغربية، وستمر من فوق القاهرة من أولها لآخرها بخط مستقيم، على ارتفاع واحد عن الأرض،. وانت تنظر اليها،. كيف ستراها؟ ستراها حين تظهر لك في الافق، ترتفع للأعلى، وحين تزول وتذهب، ستبدو وكأنها تنزل وتقترب من الارض،. مع أنها في الحقيقة، الطائرة على مستوى وارتفاع واحد طوال المدة.
هذا بالضبط ما تراه من الشمس، فهي لا تنزل ولا ترتفع إلا في نظرك،. الذي يحكمه قانون المنظور،.
أما سبب شعورك بأنها كبيرة وقت الغروب،. فهذا بسبب ما حولها من أجسام وقت الغروب، تراها تبدو هكذا، لانها قريبة من الارض، في عينك طبعاً
لاحظ الصورة رقم 2 و 3 و 4، وقل أي الجسمين أكبر؟ التي على اليمين تبدو أكبر! لكن الحقيقة أنهما نفس الحجم، ولكن بسبب تواجد الاجسام قربها، تأثرت عينك، فاعطتك شعوراً بأن حجما صار أكبر.
لاحظ أنه عندما تقترب الكرة في الصورة 3 من المؤثرات حولها، تحسها أكبر بعينك، ولكن في الحقيقة الكرتان نفس الحجم،. هكذا تشعر بكبر الشمس وقت الشروق ووقت الغروب،. تكون الشمس قريبة من الاجسام حولها، البحر، الجبال، الغيوم، الاشجار، فتشعر أنها كبرت، ولكنها هي هي نفسها، لم تكبر،. وأكبر دليل أن حجم الشمس لا يتغير حين تراها أنت كبيرة وقت الغروب، هو أن هناك أناس آخرين، يرونها الآن في نفس اللحظة (وقت الظهر عندهم) ليست كبيرة! فواضح أن المسألة خدعة تحدث للبصر، ليس إلا،.
نحن صغار جداً بالنسبة للارض، وقريبون منها، نسير عليها، ونظرنا محدود جداً، لا نستطيع ان نرى كل أطرافها الواسعة، خاصة ابتعدت الاجسام عنا. حين تبتعد عنك إنارة الشارع تجدها تختفي وتنزل في الأرض، تغيب عن ناظرك، ولكن الشارع مستقيم، وطول الاعمدة واحد. وهكذا الشمس.
حقيقة الشمس أنها تصغر كلما تبتعد منا، تصغر وتنزل في أعيننا،. ولكن لا نستطيع إدراك هذا طالما نحن على الأرض، والسبب في هذا هو قاعدة النظر، فطالما عينك قريبة من الأرض فسترى القليل منها،...
الشمس تجري في فلك، هذا الفلك دائرة كبيرة فوق الأرض، هذا الفلك وااسع جداً، يقدر بــ 40,000 كم (عند مدار الاستواء)،. القسم الذي تستطيع أن تراه بعينك من مكانك (على الأرض بسبب قرب عينك منها) لا يتعدى 6 كيلو شرقا، و 6 كيلو غربا،. أما القسم الذي تراه انت من الشمس أكبر (لأنه في السماء يتسع مجال الرؤية لبعدها منك) من شروقها الى غروبها لا يتعدى 100 كم شرقا، و 100 كم غربا،.
فالحاصل أنك لا ترى إلا جزءً صغيراً ضئيلاً جداً من دوران الشمس في فلكها، نسبة 200 كم إلى 40,000 هو 0.005%، فمن الطبيعي جداً أنك تراها تسير بخط مستقيم،. فأنت وكل ما تراه بعينك يعتبر "نقطة" في هذه الدائرة الكبيرة،. والدائرة كلما اتسعت قل شعورك بانحنائها،. (مثل صفوف المصلين عند الكعبة تراها دائرية،. ولكن خارج مكة تراها مستقيمة، وفي المدينة كذلك الصفوف مستقيمة، ولكنها في الواقع هي جزء من دائرة وااسعة حول الكعبة،. لا تستطيع الشعور بانحناء الدائرة لوسعها)،. كذلك فلك الشمس، وهذه إحدى الاسباب التي تجعلك ترجع لنفس منطلقك (لو مشيت غرباً أو شرقاً بخط مستقيم)،. فالمستقيم فقط في ذهنك، ولكن هي حقيقةً دائرة كبيرة.
ــــ السفينة التي تختفي قاعدتها بالبحر يمكن رؤيتها بالمنظار، فلماذا الشمس عندما تبتعد وتختفي في البحر ولحظة اختفائها لا يمكنكم إثبات وجودها بالتقريب بالمنظار وتصويرها كما هو حال السفينة؟
لأن الشمس فوقنا 5000 كم، فمهما ارتفعت لن تصل حتى لنصف المسافة، أو حتى لربع المسافة التي تبعد الشمس عنا،. فهي تبعد عن الأرض 5000 كم،. أما أنت فأقصى حدّك أن تصل لــ 45 كم عمودياً،. أي بنسبة 0.009% فقط، فأنت فعلياً قريب جداً من الأرض،. فيبقى قانون المنظور هو من يحكم نظرك،. أي سترى من الأرض أقل من السماء،.
حين تقف على الأرض تكون عينك قريبة منها، فنظرك لا يتعدى 6 كيلو شرقاً، و 6 كيلو غرباً،. أما القسم الذي تراه أنت من السماء أكثر (لأنه في السماء يتسع مجال الرؤية لبعدها منك)، فمن من شروق الشمس الى غروبها، نظرك لا يتعدى 100 كم شرقاً، و 100 كم غرباً،. فالحاصل أنك لا ترى إلا جزءً صغيراً ضئيلاً جداً من دوران الشمس في فلكها، يقدر بــ 0.0025%،. لو ارتفعت فوق السحب فالغروب سيختلف تماماً، لن تغيب الشمس وحجمها كبير، بل ستصغر وستصغر حتى تصير نقطة بعيدة جداً ثم تختفي في الأفق،. كما في هذا الفيديو،.
https://www.youtube.com/watch?v=CcS6w4v3LQs
ــ لماذا لا نستطيع رؤية الشمس بالمنظار ليلاً أو بعد أن تغرب؟
ثبت علمياً أن الشمس تبعد 5000 كيلو من سطح البحر، إن ارتفعت ووصلت لنصفها، أي مسافة 2500 كم، (وهذا محال) هنا قد تستطيع رؤية الشمس وهي في الطرف الآخر،. لكن لبعدها جداً عنك! (تقريباً 20000 كم) منك، فعليك أن تأتي بمنظار بطول 50 كم في أقل تقدير (وهذا مستحيل)، وتضمن ثباته وعدم اهتزازه على هذا الارتفاع (وهذا كذلك مستحيل)، وتضمن عدم وجود عوائق كثيرة، أي لا رطوبة في مجال الرؤية (وهذا مستحيل)، ولا حرارة "لتجنب السراب والتشويش" (وهذا مستحيل أيضاً)، ولا بخار ماء في الأفق (محال)، ولا سحاب، ولا ضباب، ولا ولا....، بل يجب أن يكون الجو صافٍ جداً (وهذا كله طبعاً مستحيل)،. فلن ترى الشمس في الليل،.
فلو سئلت لماذا يستحيل علينا رؤية الشمس بالليل؟ لأننا "من الآخر" نحن نعبث بآيات الله،. الله سخر الشمس لنا في النهار، فلن تراها في الليل ولو عصرت نفسك،. ولن يجلّي الشمس لك سوى النهار، انتهى الأمر،. ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا ((وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا)) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا﴾ [الشمس : 1 ــ 5] فكيف تريد أن تراها في الليل؟!
وفي الحقيقة هذا سؤال مترف، لا داعي منه ولو وجدت له تفسيراً علمياً منطقياً،. لماذا هو مترف؟! لأنه ثمة ثوابت وأُسس وضعها الله ولا يمكن بأي حال تغييرها،. كرؤية النجوم في النهار مثلاً،. نعم هناك عدة تفسيرات، ولكن سواء علمتها أو لم تعلمها، الحقيقة تبقى كما هي لن تتغير ولو اجتهدت في ايجاد السبل لرؤية النجوم في عز النهار،. هكذا خلقها الله.
رَبَنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا،.. ﴿ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾
By Dr. Mu7sin